الـ mms }..
من طرف الحضارة الإسلامية في أوروبا
ليس بخفي على الخبراء وأصحاب الرأي إن أوروبا في القرون الوسطى والتي تلتها , مدينة في حياتها الفكرية والعلمية والثقافية في نواح عديدة إلى الإسلام بعبارة أخرى إن التراث العلمي والفلسفي للعصر القديم اجتاز الحدود الأوروبية بواسطة المسلمين.
إن أول العوامل في دخول الحضارة والثقافة والانجازات العلمية التي حققتها أوروبا تتمثل في فتح المسلمين الأراضي الأوروبية. إن الجيوش المسلمة فتحت كافة أراضي شبه جزيرة أيبري أي اسبانيا وبرتغال وذلك في عهد خلافة الأمويين في فترة قصيرة بدأت عام 91 للهجرة واستمرت حتى عام 95 / 710 حتى 714 للميلاد فحكم على التوالي الأمويون والموحدون والمرابطون وملوك الطوائف تلك الأراضي لعدة قرون. حتى استطاع المسيحيون بقيادة ملوك اراغون وكاستيل العسكرية وعبر جهودهم
الحثيثة الهادفة إلى إعادة السيطرة على الأراضي المسيحية الواقعة بيد المسلمين وإنهاء الحكم الإسلامي إن يخرجوا المسلمين رويدا رويدا من اسبانيا وبرتغال وذلك في الفترة الواقعة بين القرن الـ 2 حتى القرن التاسع / الـ 8 حتى 15 للميلاد. إن غرناطة كانت آخر معقل للمسلمين قد سيطر عليها فرديناند ملك اراغون بعام 897 للهجرة / 1492 للميلاد وبهذا قضى على حكم المسلمين على اسبانيا.
من الأحداث التاريخية الأخرى هي الفتح الإسلامي في الجزائر الواقعة في البحر المتوسط وبالذات جزيرة سيسيل (صقيلة). بدأ فتح هذه الجزيرة بعام 211 للهجرة / 826 للميلاد على يد الاغالبة حكام قيروان في شمال أفريقيا واكتملت خلافة الفاطميين في مصر. كانت صقيلة وطوال 189 عام تعتبر جزءا من العالم الإسلامي حتى سقطت عام 485 للهجرة / 1092 للميلاد على يد كنت راجر وأنهى بذلك سيطرة المسلمين عليها.
إن فترة حكم المسلمين في اسبانيا كانت أرقى وأزهى الفترات ثقافيا في تلك الأراضي أي في القرون الوسطى. إن مختلف العلوم التي دخلت من الشرق الإسلامي إلى اسبانيا قد بلغت مرحلة منقطعة النظير من الازدهار.
فظهر جغرافيون ومنجمون ورياضيون وأطباء وفلاسفة وأدباء وشعراء في تلك الأراضي فامتلأت المكتبات بالمئات من الأعمال والكتب الثمينة في تلك الحقول. في اسبانيا وصقلية امتزجت عناصر العلم والثقافة اليونانية القديمة والرومية والتراث العلمي والثقافي الإسلامي فأثرت الثقافة الإنسانية.
إن نفوذ وتوسيع رقعة العلوم والثقافة الإسلامية في الدول الأوروبية بدأت بالفعل عندما اخرج الأوروبيون المسلمين من بلادهم وانهوا سيطرتهم على أراضيهم. لابد من التنويه إن الحروب الصليبية استمرت بقيادة القادة المسيحيين لقرنين من الزمن أي من القرن الـ 5 حتى الـ 7 / 11 حتى الـ 13 م فإنها تعد من الأسباب الأخرى في دخول الحضارة والثقافة والفن الإسلامية وتنميتها في الأراضي الأوروبية.
من جهة أخرى وقبيل استقرار المسحيين في الأراضي الأوروبية وبعيد هذا الحدث بدأت معالم نهضة غاية في الأهمية تمثلت في نهضة الترجمة التي أصبحت وسيلة لنقل العلوم والفلسفة والثقافة الإسلامية وتنميتها. كانت أوروبا المسيحية قد قطعت أواصرها في القرون الوسطى بالعلوم والثقافة اليونانية القديمة كما الرومية. بينما وفي نفس الآونة بدأت في الشرق الإسلامي نهضة ترجمة للأعمال اليونانية وانتهت فصولها. حيث
تم ترجمة الكتب العلمية والفلسفية إلى العربية فأضحت هذه اللغة أثرى الوسائل لتعليم مختلف العلوم والفلسفة وتعلمها, بينما اندثرت اللغة اليونانية إلى حد كبير إلا في مناطق معينة كـ صقلية والنهضة التي بدأت في إمبراطورية الروم الشرقية أي بيزنطة بقت في حدود تلك الإمبراطورية ولم تتجاوز حدودها.
بدأ توجه الأوروبيين وللمرة الثانية إلى اللغة اليونانية وثقافتها منذ الفترة التي عرفت بالعصر النهضة. وبالتحديد منذ احتلال الترك العثمانيين عاصمة بيزنطة بعام 857 للهجرة 1453 م فأتيحت الفرصة مرة أخرى للعلماء والمفكرين المشردين إن يتعرفوا على العلوم والآداب بلغتها الأصلية اليونانية فقاموا بترجمتها إلى اللغة اللاتينية التي كانت تعد اللغة الدينية الرسمية وكذلك اللغة العلمية في القرون الوسطى.
ففي هذه الأثناء تعلم العشرات من المفكرين الأوروبيين وبالذات الاسبانيين منهم, تعلموا اللغة العربية فبدؤوا بترجمة الكتب العلمية والفلسفية للمسلمين إلى اللغة اللاتينية. فشجعهم بعض القادة المسيحيين للقيام بهذا العمل. فكان القرن الـ 6 والـ 7 للهجرة / الـ 12 والـ 13 للميلاد فترة ازدهار الترجمة من العربية إلى اللاتينية والعبرية وفي بعض الأحيان إلى اللغات المحلية. قام العالم البريطاني رابرت الذي كان يقطن اسبانيا في فترة الواقعة بين 535 حتى 542 هـ / 1141 حتى 1147 م وهو من كان قد ترجم كتاب الجبر للخوارزمي إلى اللاتينية من قبل بادئا بذلك صفحة جديدة في علم الرياضيات عند الأوروبيين, نقول, قام رابرت وبالتعاون مع مترجم آخر وهو هرمانوس دالماتا بعام 1143 م بترجمة القرآن إلى اللاتينية ولأول مرة. إما النهضة الحقيقية من العربية إلى اللاتينية حدثت بعد احتلال طليطلة بعام 478 هـ / 1085 م على يد المسيحيين. فأصبحت هذه المدينة من أهم المراكز العلمية الإسلامية وكان الأسقف الأكبر ريموند الأول (520-546 هـ / 1126-1151 م) يعد المشجع الأكبر لعملية الترجمة من العربية إلى اللاتينية.
في نفس هذه المدينة تم تأسيس أول مدرسة للدراسات الإسلامية والشرقية في أوروبا بهدف إعداد الدعاة المسيحيين وإرسالهم إلى الأراضي الشرقية. من جهة أخرى لابد من الإشارة إلى إن توجه الأوروبيين إلى العلم والثقافة الإسلامية لم يسر على مسار واحد. إن مناهضة الإسلام والكتب العلمية وبالتحديد الفلسفية الإسلامية منها كانت تؤدي بعض الأحيان إلى العداء, على سبيل المثال قام كاردينال خيمينز (839-923 هـ / 1436 – 1517 م) بجهود حثيثة لجعل المسلمين واليهود يعتنقون الديانة المسيحية في اسبانيا فأمر إن تمح الكتب العربية في مدينة غراندا فتم إحراق الآلاف من الكتب العربية في ساحة المدينة. لكنها كانت تعد ظاهرة متطرفة. فقبلها وطوال قرنين من الزمن كانت قد تمت ترجمة الكتب العلمية والفلسفية للمسلمين إلى اللاتينية. ففي أواسط القرن الـ 6 / الـ 12 م قام مترجمين كبار كـ كنستانتين الإفريقي وأدلارد باتونيايي وهومانوس دالماتا بترجمة العشرات
من الكتب في حقل الرياضيات والنجوم والطب من العربية إلى اللاتينية.كما قام مترجمون أمثال يوهانس هيسبالنسيس (يوحنا اشبيلي) ودومينيكوس جونديسالوس وبأمر من ريموند المذكور آنفا بترجمة الكتب العربية إلى اللغة الكاستيلية منها أعمال الغزالي والفارابي وابن سينا.فتمت ترجمة منطق وإلهيات شفا لـ ابن سينا وكتبه الأخرى إلى اللاتينية.
يمكن الإشارة إلى جراردوس كرمونايي (5835 هـ / 1187 م) من ضمن كبار المترجمين.كما كان في مدينة تولدو مترجم شهير يدعى ميكائيل اسكوتوس (المتوفى سنة 632 هـ / 1235م ) صاحب نشاطات واسعة. انه ترجم كتب ابن رشد وتفاسير ابن رشد التي كتبها على أعمال أرسطو ترجمها إلى اللاتينية. كما كان هناك الكثير من المترجمين من اليهود والمسيحيين ذكروا ضمن أولئك الذين ترجموا خزائن من الكتب العلمية من العربية إلى اللاتينية والعبرية.
إن السبب الرئيس في تنمية النزعة الرشدية في الأوساط الجامعية من القرن الـ 7 هـ / 13 م التي أصبحت ذات نفوذ واسع النطاق يتمثل في ترجمة الكتب اللاتينية حيث توجد حاليا بعض ما كتبه ابن رشد وبالذات التفسير الكبير لكتاب حول الروح لـ أرسطو باللغة اللاتينية والملفت إن أصل الكتاب المكتوب بالعربية انطوى في صفحات التاريخ. أسلفنا أن المركز الثاني الواسع النطاق والهام لنشر العلم والثقافة الإسلامية كان جزيرة صقلية.
كان حكامها المسيحيين يحكمون بالنظام الإداري للمسلمين على بلادهم, على سبيل المثال إن راجر الثاني (488-549 هـ / 1095- 1154م) لم يبق على النظام الإداري للمسلمين فحسب بل شهد بلاطه الحضور الواسع للعلماء والفلاسفة والمنجمين والأطباء المسلمين حيث بقى القسم الأعظم من سكان الجزيرة على إيمانهم بالإسلام وأضحى بإمكانهم إن يؤدوا مناسكهم. كما كتب عالم الجغرافيا الشهير أبو عبد الله محمد بن عبد الله الإدريسي (المتوفى سنة 560 هـ / 1165 م) كتابه المعنون بـ نزهة المشتاق في اختراق الآفاق أو كتاب الرجاري وقدمه إلى راجر الثاني.
كان فردريك الثاني إمبراطور ألمانيا وملك صقلية وابرز ملوك صقلية (590 -648 هـ / 1194-1250م) يعد الملك الأكثر ثقافة وعلما بين كافة الملوك في تاريخ أوروبا فبلغ في فترة حكمه نفوذ ونمو العلوم والثقافة الإسلامية العربية في صقلية ذروته انه كان يعرف العربية وذهب عام 1228 م بغية المشاركة في الحروب الصليبية إلى بيت المقدس فتعرف عن كثب على حياة المسلمين ومناسكهم والأفكار الإسلامية. كان يتمتع بحب وافر للعلم ويحب على وجه التحديد علم الحيوان وعلم الطيور. كان بلاطه مسكنا لمجموعة من العلماء والمفكرين المسلمين. وعلى الرغم من المواجهات العديدة مع الآباء اليسوعيين فانه ابرز تساهلا قل نظيره في التاريخ في التعامل مع المسلمين. انه أقام علاقات سياسية وتجارية هامة مع الأيوبيين في مصر وكانت له مكاتبات علمية مع محمد كامل كما كان يرسل أسئلته إلى علماء مصر. في هذا المجال اشتهرت إجابة ابن سبعين الفيلسوف والعارف الشهير (المتوفى عام 669 هـ / 1271م) التي اشتهرت بـ الأجوبة عن الأسئلة الصقلية حول خلود المادة والمصير وخلود الروح والإلهيات و... .
كانت بالرمو عاصمة حكم فردريك في مدينة صقلية من أكثر المراكز التعليمية ازدهارا أنها كانت مركزا للثقافة والفن الإسلامي. إن ميكائيل اسكوتوس المذكور آنفا كان في الفترة الواقعة مابين 617 حتى 632 هـ / 1220 حتى 1235 م يعيش في مدينة صقلية. انه قام بترجمة ملخصات من كتب أرسطو حول علم الأحياء وعلم الحيوان وشرح ابن سينا لهذه الكتب من العربية إلى اللاتينية. هذا ويعتبر أهم عمل ثقافي خرج للعيان على يد فردريك هو تدشين جامعة حكومية في مدينة نابولي الايطالية في ربيع سنة 1224 م وهي تعد أول جامعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى في أوروبا آنذاك.
كانت هناك جامعات أخرى في مناطق أخرى كـ باريس وبادوا بيد أنها تعتبر مراكز تعليمية متخصصة ومنظمة حيث لم يكن بإمكان أي طبيب إن يمارس مهنة الطبابة دون اخذ شهادة من الجامعة. كانت ترجمة أعمال أرسطو من اللاتينية وترجمة شارحي أعماله العرب وبالذات ابن رشد تحتل دور بارز في برامج الجامعة. جدير بالذكر إن الفيلسوف العملاق المسيحي في القرون الوسطي توماس اكويناس (1225-1274م) كان طالبا في تلك الجامعة. إن نفوذ وتنمية العلم والثقافة الإسلامية في أوروبا وبالتحديد ازدهارها في ايطاليا وصقلية من أهم الأسباب التي مهدت عصر النهضة منذ القرن الـ 15 فصاعدا.
إنه بالإمكان مشاهدة بصمات العلم والفكر الإسلامي في مجال الفكر الفلسفي أكثر من غيره. بحيث لا يمكن تصور وجود فلسفة أوروبية في القرون الوسطى دون الأفكار والتعاليم فلاسفة المسلمين الكبار. إن أعمال كبار الفلاسفة كـ فارابي وابن سينا وبالذات ابن رشد لعبت دورا كبيرا في تكوين القسم الأعظم من أفكار الفلاسفة الذين ظهروا في القرون الوسطى.
ثم إن ظهور الفكر الفلسفي في العصور الحديثة في أوروبا كان من عدة جوانب كردة فعل في وجه الفكر الفلسفي الإسلامي. وكما أسلفنا إن الفكر الفلسفي لـ ابن رشد الذي عرف في القرون الوسطى باعتباره اكبر مفسر لأعمال أرسطو كان آخر واهم مرجع لمعرفة فلسفة أرسطو بشكل صحيح. يذكر إن النزعة الرشدية في أوروبا وصحيح أنها قامت على أساس أفكار ابن رشد الفلسفية بيد أنها امتزجت مع عناصر نسبت إلى أفكاره غير أنها لم تكن من بنات أفكاره. أبرزها نظرية الحقيقة الثنائية أي الحقيقة المستقلة عن الحقيقة الإيمانية والدينية التي كانت بعيدة عن أفكاره كل البعد. إن النزعة الرشدية امتدت إلى عصر النهضة فشهدت قفزة نوعية بالذات في جامعة بادوا الايطالية وأصبح الدافع الجديد للدراسات التي ظهرت في مجال العلوم الطبيعية ومهدت الأرضية لظهور مثل غاليلو وأستاذته.
منذ القرن الـ 10 والـ 11 للهجرة ظهرت في الساحة مرة أخرى الاهتمام والرغبة لمعرفة الإسلام والأفكار الإسلامية في أوروبا أما الدافع الكامن وراء هذا العمل هو اهتمام الأساتذة المسيحيين من البروتستانت بالدراسات التاريخية حول الكتاب المقدس للمسيحيين. من أبرزهم هم جوزيف جوست اسكاليجر (1540-1609 م) وقد سبقه والده من قبل في مدينة ليدن. كانت الرغبة في الدراسات الإسلامية تحيى من جديد في الأوساط الجامعية. تم تدشين منصب أستاذ اللغة العربية عام 1632 م في جامعة كمبريدج ومن ثم وبعام 1636 م في جامعة أكسفورد. كان هناك شخصا يدعى ادوارد بوكك وابنه وهو يحمل نفس الاسم يتعلمان اللغة العربية. ادوارد بوكك الأب (1604 -1691م) الذي قضي فترات من حياته في مدينة حلب وقسطنطية تعلم اللغة العربية فأصبح أستاذا للغة العربية في جامعة أكسفورد. أما ادوارد بوكك الابن (1648-1727م) قام بترجمة رسالة حي بن يقظان لـ ابن طفيل تحت عنوان الفيلسوف المتعلم بعام 1671م.
بعد هذه الفترة وكما هو معروف إن الاهتمام العلمي بالإسلام والتاريخ والثقافة والعلم والفلسفة الإسلامية ومنذ القرن الـ 18 والـ 19 استمرت إلى يومنا هذا وذلك بالمتابعة والاهتمام الزائد في أوروبا والعالم الغربي.
[color=red]ملاحظة:[/color]هناك الكثير من القراء يتصفحون ولا يردون
ارجوا من اي عضو يضع لة بصمة لنرتقي بالمنتدى
اختكم/ زازا
منقول
ليس بخفي على الخبراء وأصحاب الرأي إن أوروبا في القرون الوسطى والتي تلتها , مدينة في حياتها الفكرية والعلمية والثقافية في نواح عديدة إلى الإسلام بعبارة أخرى إن التراث العلمي والفلسفي للعصر القديم اجتاز الحدود الأوروبية بواسطة المسلمين.
إن أول العوامل في دخول الحضارة والثقافة والانجازات العلمية التي حققتها أوروبا تتمثل في فتح المسلمين الأراضي الأوروبية. إن الجيوش المسلمة فتحت كافة أراضي شبه جزيرة أيبري أي اسبانيا وبرتغال وذلك في عهد خلافة الأمويين في فترة قصيرة بدأت عام 91 للهجرة واستمرت حتى عام 95 / 710 حتى 714 للميلاد فحكم على التوالي الأمويون والموحدون والمرابطون وملوك الطوائف تلك الأراضي لعدة قرون. حتى استطاع المسيحيون بقيادة ملوك اراغون وكاستيل العسكرية وعبر جهودهم
الحثيثة الهادفة إلى إعادة السيطرة على الأراضي المسيحية الواقعة بيد المسلمين وإنهاء الحكم الإسلامي إن يخرجوا المسلمين رويدا رويدا من اسبانيا وبرتغال وذلك في الفترة الواقعة بين القرن الـ 2 حتى القرن التاسع / الـ 8 حتى 15 للميلاد. إن غرناطة كانت آخر معقل للمسلمين قد سيطر عليها فرديناند ملك اراغون بعام 897 للهجرة / 1492 للميلاد وبهذا قضى على حكم المسلمين على اسبانيا.
من الأحداث التاريخية الأخرى هي الفتح الإسلامي في الجزائر الواقعة في البحر المتوسط وبالذات جزيرة سيسيل (صقيلة). بدأ فتح هذه الجزيرة بعام 211 للهجرة / 826 للميلاد على يد الاغالبة حكام قيروان في شمال أفريقيا واكتملت خلافة الفاطميين في مصر. كانت صقيلة وطوال 189 عام تعتبر جزءا من العالم الإسلامي حتى سقطت عام 485 للهجرة / 1092 للميلاد على يد كنت راجر وأنهى بذلك سيطرة المسلمين عليها.
إن فترة حكم المسلمين في اسبانيا كانت أرقى وأزهى الفترات ثقافيا في تلك الأراضي أي في القرون الوسطى. إن مختلف العلوم التي دخلت من الشرق الإسلامي إلى اسبانيا قد بلغت مرحلة منقطعة النظير من الازدهار.
فظهر جغرافيون ومنجمون ورياضيون وأطباء وفلاسفة وأدباء وشعراء في تلك الأراضي فامتلأت المكتبات بالمئات من الأعمال والكتب الثمينة في تلك الحقول. في اسبانيا وصقلية امتزجت عناصر العلم والثقافة اليونانية القديمة والرومية والتراث العلمي والثقافي الإسلامي فأثرت الثقافة الإنسانية.
إن نفوذ وتوسيع رقعة العلوم والثقافة الإسلامية في الدول الأوروبية بدأت بالفعل عندما اخرج الأوروبيون المسلمين من بلادهم وانهوا سيطرتهم على أراضيهم. لابد من التنويه إن الحروب الصليبية استمرت بقيادة القادة المسيحيين لقرنين من الزمن أي من القرن الـ 5 حتى الـ 7 / 11 حتى الـ 13 م فإنها تعد من الأسباب الأخرى في دخول الحضارة والثقافة والفن الإسلامية وتنميتها في الأراضي الأوروبية.
من جهة أخرى وقبيل استقرار المسحيين في الأراضي الأوروبية وبعيد هذا الحدث بدأت معالم نهضة غاية في الأهمية تمثلت في نهضة الترجمة التي أصبحت وسيلة لنقل العلوم والفلسفة والثقافة الإسلامية وتنميتها. كانت أوروبا المسيحية قد قطعت أواصرها في القرون الوسطى بالعلوم والثقافة اليونانية القديمة كما الرومية. بينما وفي نفس الآونة بدأت في الشرق الإسلامي نهضة ترجمة للأعمال اليونانية وانتهت فصولها. حيث
تم ترجمة الكتب العلمية والفلسفية إلى العربية فأضحت هذه اللغة أثرى الوسائل لتعليم مختلف العلوم والفلسفة وتعلمها, بينما اندثرت اللغة اليونانية إلى حد كبير إلا في مناطق معينة كـ صقلية والنهضة التي بدأت في إمبراطورية الروم الشرقية أي بيزنطة بقت في حدود تلك الإمبراطورية ولم تتجاوز حدودها.
بدأ توجه الأوروبيين وللمرة الثانية إلى اللغة اليونانية وثقافتها منذ الفترة التي عرفت بالعصر النهضة. وبالتحديد منذ احتلال الترك العثمانيين عاصمة بيزنطة بعام 857 للهجرة 1453 م فأتيحت الفرصة مرة أخرى للعلماء والمفكرين المشردين إن يتعرفوا على العلوم والآداب بلغتها الأصلية اليونانية فقاموا بترجمتها إلى اللغة اللاتينية التي كانت تعد اللغة الدينية الرسمية وكذلك اللغة العلمية في القرون الوسطى.
ففي هذه الأثناء تعلم العشرات من المفكرين الأوروبيين وبالذات الاسبانيين منهم, تعلموا اللغة العربية فبدؤوا بترجمة الكتب العلمية والفلسفية للمسلمين إلى اللغة اللاتينية. فشجعهم بعض القادة المسيحيين للقيام بهذا العمل. فكان القرن الـ 6 والـ 7 للهجرة / الـ 12 والـ 13 للميلاد فترة ازدهار الترجمة من العربية إلى اللاتينية والعبرية وفي بعض الأحيان إلى اللغات المحلية. قام العالم البريطاني رابرت الذي كان يقطن اسبانيا في فترة الواقعة بين 535 حتى 542 هـ / 1141 حتى 1147 م وهو من كان قد ترجم كتاب الجبر للخوارزمي إلى اللاتينية من قبل بادئا بذلك صفحة جديدة في علم الرياضيات عند الأوروبيين, نقول, قام رابرت وبالتعاون مع مترجم آخر وهو هرمانوس دالماتا بعام 1143 م بترجمة القرآن إلى اللاتينية ولأول مرة. إما النهضة الحقيقية من العربية إلى اللاتينية حدثت بعد احتلال طليطلة بعام 478 هـ / 1085 م على يد المسيحيين. فأصبحت هذه المدينة من أهم المراكز العلمية الإسلامية وكان الأسقف الأكبر ريموند الأول (520-546 هـ / 1126-1151 م) يعد المشجع الأكبر لعملية الترجمة من العربية إلى اللاتينية.
في نفس هذه المدينة تم تأسيس أول مدرسة للدراسات الإسلامية والشرقية في أوروبا بهدف إعداد الدعاة المسيحيين وإرسالهم إلى الأراضي الشرقية. من جهة أخرى لابد من الإشارة إلى إن توجه الأوروبيين إلى العلم والثقافة الإسلامية لم يسر على مسار واحد. إن مناهضة الإسلام والكتب العلمية وبالتحديد الفلسفية الإسلامية منها كانت تؤدي بعض الأحيان إلى العداء, على سبيل المثال قام كاردينال خيمينز (839-923 هـ / 1436 – 1517 م) بجهود حثيثة لجعل المسلمين واليهود يعتنقون الديانة المسيحية في اسبانيا فأمر إن تمح الكتب العربية في مدينة غراندا فتم إحراق الآلاف من الكتب العربية في ساحة المدينة. لكنها كانت تعد ظاهرة متطرفة. فقبلها وطوال قرنين من الزمن كانت قد تمت ترجمة الكتب العلمية والفلسفية للمسلمين إلى اللاتينية. ففي أواسط القرن الـ 6 / الـ 12 م قام مترجمين كبار كـ كنستانتين الإفريقي وأدلارد باتونيايي وهومانوس دالماتا بترجمة العشرات
من الكتب في حقل الرياضيات والنجوم والطب من العربية إلى اللاتينية.كما قام مترجمون أمثال يوهانس هيسبالنسيس (يوحنا اشبيلي) ودومينيكوس جونديسالوس وبأمر من ريموند المذكور آنفا بترجمة الكتب العربية إلى اللغة الكاستيلية منها أعمال الغزالي والفارابي وابن سينا.فتمت ترجمة منطق وإلهيات شفا لـ ابن سينا وكتبه الأخرى إلى اللاتينية.
يمكن الإشارة إلى جراردوس كرمونايي (5835 هـ / 1187 م) من ضمن كبار المترجمين.كما كان في مدينة تولدو مترجم شهير يدعى ميكائيل اسكوتوس (المتوفى سنة 632 هـ / 1235م ) صاحب نشاطات واسعة. انه ترجم كتب ابن رشد وتفاسير ابن رشد التي كتبها على أعمال أرسطو ترجمها إلى اللاتينية. كما كان هناك الكثير من المترجمين من اليهود والمسيحيين ذكروا ضمن أولئك الذين ترجموا خزائن من الكتب العلمية من العربية إلى اللاتينية والعبرية.
إن السبب الرئيس في تنمية النزعة الرشدية في الأوساط الجامعية من القرن الـ 7 هـ / 13 م التي أصبحت ذات نفوذ واسع النطاق يتمثل في ترجمة الكتب اللاتينية حيث توجد حاليا بعض ما كتبه ابن رشد وبالذات التفسير الكبير لكتاب حول الروح لـ أرسطو باللغة اللاتينية والملفت إن أصل الكتاب المكتوب بالعربية انطوى في صفحات التاريخ. أسلفنا أن المركز الثاني الواسع النطاق والهام لنشر العلم والثقافة الإسلامية كان جزيرة صقلية.
كان حكامها المسيحيين يحكمون بالنظام الإداري للمسلمين على بلادهم, على سبيل المثال إن راجر الثاني (488-549 هـ / 1095- 1154م) لم يبق على النظام الإداري للمسلمين فحسب بل شهد بلاطه الحضور الواسع للعلماء والفلاسفة والمنجمين والأطباء المسلمين حيث بقى القسم الأعظم من سكان الجزيرة على إيمانهم بالإسلام وأضحى بإمكانهم إن يؤدوا مناسكهم. كما كتب عالم الجغرافيا الشهير أبو عبد الله محمد بن عبد الله الإدريسي (المتوفى سنة 560 هـ / 1165 م) كتابه المعنون بـ نزهة المشتاق في اختراق الآفاق أو كتاب الرجاري وقدمه إلى راجر الثاني.
كان فردريك الثاني إمبراطور ألمانيا وملك صقلية وابرز ملوك صقلية (590 -648 هـ / 1194-1250م) يعد الملك الأكثر ثقافة وعلما بين كافة الملوك في تاريخ أوروبا فبلغ في فترة حكمه نفوذ ونمو العلوم والثقافة الإسلامية العربية في صقلية ذروته انه كان يعرف العربية وذهب عام 1228 م بغية المشاركة في الحروب الصليبية إلى بيت المقدس فتعرف عن كثب على حياة المسلمين ومناسكهم والأفكار الإسلامية. كان يتمتع بحب وافر للعلم ويحب على وجه التحديد علم الحيوان وعلم الطيور. كان بلاطه مسكنا لمجموعة من العلماء والمفكرين المسلمين. وعلى الرغم من المواجهات العديدة مع الآباء اليسوعيين فانه ابرز تساهلا قل نظيره في التاريخ في التعامل مع المسلمين. انه أقام علاقات سياسية وتجارية هامة مع الأيوبيين في مصر وكانت له مكاتبات علمية مع محمد كامل كما كان يرسل أسئلته إلى علماء مصر. في هذا المجال اشتهرت إجابة ابن سبعين الفيلسوف والعارف الشهير (المتوفى عام 669 هـ / 1271م) التي اشتهرت بـ الأجوبة عن الأسئلة الصقلية حول خلود المادة والمصير وخلود الروح والإلهيات و... .
كانت بالرمو عاصمة حكم فردريك في مدينة صقلية من أكثر المراكز التعليمية ازدهارا أنها كانت مركزا للثقافة والفن الإسلامي. إن ميكائيل اسكوتوس المذكور آنفا كان في الفترة الواقعة مابين 617 حتى 632 هـ / 1220 حتى 1235 م يعيش في مدينة صقلية. انه قام بترجمة ملخصات من كتب أرسطو حول علم الأحياء وعلم الحيوان وشرح ابن سينا لهذه الكتب من العربية إلى اللاتينية. هذا ويعتبر أهم عمل ثقافي خرج للعيان على يد فردريك هو تدشين جامعة حكومية في مدينة نابولي الايطالية في ربيع سنة 1224 م وهي تعد أول جامعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى في أوروبا آنذاك.
كانت هناك جامعات أخرى في مناطق أخرى كـ باريس وبادوا بيد أنها تعتبر مراكز تعليمية متخصصة ومنظمة حيث لم يكن بإمكان أي طبيب إن يمارس مهنة الطبابة دون اخذ شهادة من الجامعة. كانت ترجمة أعمال أرسطو من اللاتينية وترجمة شارحي أعماله العرب وبالذات ابن رشد تحتل دور بارز في برامج الجامعة. جدير بالذكر إن الفيلسوف العملاق المسيحي في القرون الوسطي توماس اكويناس (1225-1274م) كان طالبا في تلك الجامعة. إن نفوذ وتنمية العلم والثقافة الإسلامية في أوروبا وبالتحديد ازدهارها في ايطاليا وصقلية من أهم الأسباب التي مهدت عصر النهضة منذ القرن الـ 15 فصاعدا.
إنه بالإمكان مشاهدة بصمات العلم والفكر الإسلامي في مجال الفكر الفلسفي أكثر من غيره. بحيث لا يمكن تصور وجود فلسفة أوروبية في القرون الوسطى دون الأفكار والتعاليم فلاسفة المسلمين الكبار. إن أعمال كبار الفلاسفة كـ فارابي وابن سينا وبالذات ابن رشد لعبت دورا كبيرا في تكوين القسم الأعظم من أفكار الفلاسفة الذين ظهروا في القرون الوسطى.
ثم إن ظهور الفكر الفلسفي في العصور الحديثة في أوروبا كان من عدة جوانب كردة فعل في وجه الفكر الفلسفي الإسلامي. وكما أسلفنا إن الفكر الفلسفي لـ ابن رشد الذي عرف في القرون الوسطى باعتباره اكبر مفسر لأعمال أرسطو كان آخر واهم مرجع لمعرفة فلسفة أرسطو بشكل صحيح. يذكر إن النزعة الرشدية في أوروبا وصحيح أنها قامت على أساس أفكار ابن رشد الفلسفية بيد أنها امتزجت مع عناصر نسبت إلى أفكاره غير أنها لم تكن من بنات أفكاره. أبرزها نظرية الحقيقة الثنائية أي الحقيقة المستقلة عن الحقيقة الإيمانية والدينية التي كانت بعيدة عن أفكاره كل البعد. إن النزعة الرشدية امتدت إلى عصر النهضة فشهدت قفزة نوعية بالذات في جامعة بادوا الايطالية وأصبح الدافع الجديد للدراسات التي ظهرت في مجال العلوم الطبيعية ومهدت الأرضية لظهور مثل غاليلو وأستاذته.
منذ القرن الـ 10 والـ 11 للهجرة ظهرت في الساحة مرة أخرى الاهتمام والرغبة لمعرفة الإسلام والأفكار الإسلامية في أوروبا أما الدافع الكامن وراء هذا العمل هو اهتمام الأساتذة المسيحيين من البروتستانت بالدراسات التاريخية حول الكتاب المقدس للمسيحيين. من أبرزهم هم جوزيف جوست اسكاليجر (1540-1609 م) وقد سبقه والده من قبل في مدينة ليدن. كانت الرغبة في الدراسات الإسلامية تحيى من جديد في الأوساط الجامعية. تم تدشين منصب أستاذ اللغة العربية عام 1632 م في جامعة كمبريدج ومن ثم وبعام 1636 م في جامعة أكسفورد. كان هناك شخصا يدعى ادوارد بوكك وابنه وهو يحمل نفس الاسم يتعلمان اللغة العربية. ادوارد بوكك الأب (1604 -1691م) الذي قضي فترات من حياته في مدينة حلب وقسطنطية تعلم اللغة العربية فأصبح أستاذا للغة العربية في جامعة أكسفورد. أما ادوارد بوكك الابن (1648-1727م) قام بترجمة رسالة حي بن يقظان لـ ابن طفيل تحت عنوان الفيلسوف المتعلم بعام 1671م.
بعد هذه الفترة وكما هو معروف إن الاهتمام العلمي بالإسلام والتاريخ والثقافة والعلم والفلسفة الإسلامية ومنذ القرن الـ 18 والـ 19 استمرت إلى يومنا هذا وذلك بالمتابعة والاهتمام الزائد في أوروبا والعالم الغربي.
[color=red]ملاحظة:[/color]هناك الكثير من القراء يتصفحون ولا يردون
ارجوا من اي عضو يضع لة بصمة لنرتقي بالمنتدى
اختكم/ زازا منقول
» دردشة المنتدى
» اغاني سوفية" قديمه
» اغاني سوفية
» بعد طول غياب قررت ان آمر مجددا على محطة ....
» اشتقت لكم 3>
» « اُنثَىَ حڪآيتهٌآ [حڪايةٌ ] فٍيُها هِدۊءِ آلٍگۊنٍ ۊفُيها جٍ’ـنُونٍـۂ.¸¸..ღ
» Only Chanel
» لـآآتبدئي يومك بشرب الحـليب
» وشْ تقًُولْ لليًُ ببآلكً!
» كــل عضو يدخل ويكتب اعتراف...
» ØūĭЗŢ ĢїŘĻ
» Bridal Mask 2012 < مسابقة Team work
» Taewoon قائد SPEED يرى Zico قائد Block B منافس له
» تقرير عن مسلسل bloody monday