السسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجال من زمن آخر -1-
الشيخ الإمام مسند الآفاق ابو الوقت عبدالأول بن عيسى السجزي*
قال يوسف بن أحمد الشيرازي تلميذه: لما رحلت إلى شيخنا وجلست بين يديه قال لي : ما أقدمك هذه البلاد؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك. فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته وجعل سعينا وقصدنا إليه لو كنت عرفتني حق معرفتي لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي، ثم بكى بكاء طويل، وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم أسترنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا.
يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضاً لسماع ((الصحيح)) ماشياً مع والدي، من هراة إلى الدودي ببوشنج، ولي من العمر دون عشر سنين ، فكان والدي يضع على يدي حجرين ، ويقول : احملها.
فكنت من خوفي أحفظها بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجرا واحدا، ويخف عني، فأمشي إلي أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟ فأخافه فأقول:
لا، فيقول : لماذا تقصر في المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الحجر الآخر فيلقيه، فأمشي حتى أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني.
وكنا نلتقي جماعة الفلاحين وغيرهم، فيقولون يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك
إلى بوشنج، فيقول والدي: معاذ الله نركب في طلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
بل نمشي، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالاً لحديث رسول الله ورجاء ثوابه.
فكان ثمرة ذلك من حسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحد*
سواي، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار.
ثم أشار إلي صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يقدم لي حلواء، فقلت: يا سيدي، قراءتي لجزء أبي الجهم أحب إلي من أكل الحلواء. فتبسم وقال : إذا دخل الطعام، خرج الكلام، وقدم لنا صحناً فيه حلواء الفانيذ، فأكلنا، وأخرجت الجزء، وسألته إحضار الأصل فأحضره، فقرأت الجزء، وسررت به، ويسر الله سماع((الصحيح))وغيره مراراً .*
ولم أزل في صحبته و خدمته إلي أن توفي ببغداد في ليلة الثلاثاء سادس ذي القعدة سنة553،
ودفناه بالشونيزية، قال لي: تدفنني تحت أقدام مشائخنا بالشونيزية .
ولما أحتضر سندته إلى صدري وكان مستهتراً بالذكر ــ أي لهجا منهمكا بالذكر - فدخل محمد بن القاسم الصوفي، وأكب عليه وقال: ياسيدي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ))، فرفع طرفه إليه وتلا: (ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين). فدهش إليه هوــ محمد إبن القاسم ــ ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة ثم قال : الله الله الله، وتوفي وهو جالس على السجادة رحمه الله تعالى.*
القصة الثانية رجال من زمن آخرـ2ـ
شيخ الإسلام أحمد بن محمد بن أحمد السلفي.*
نشأ هذا الإمام فذا في الذكاء والنباهة والحفظ وتحصيل العلم وجمعه ثم تعليمه ونشره.
قال الأوقي: سمعته يقول : لي ستون سنة ما رأيت منارة الأسكندرية ـ وكانت من أعاجيب الدنيا السبعة ـ إلا من هذه الطاقة، يعني طاقة حجرته في المدرسة.*
قال الحافظ عبد القادر الرهاوي: بلغني أنه في مدة مقامه بالإسكندرية، ما خرج إلى بستان ولا فرجة *غير مرة واحدة، بل كان عامة دهره ملازم مدرسته، وما كنا ندخل عليه إلا نراه مطلع في شيء. وقال الحافظ عبد العظيم المنذري: كان السلفي مغرى بجمع الكتب، وما حصل له من المال يخرجه في ثمنها، وكان عنده خزائن كتب لا يتفرغ للنظر فيها، فتفنن وتلصقت لندواة البلد! وكانو يخلصونها بالفأس ! فتلف أكثرها! وأخذ عنه من الأئمة والعلماء والأدباء وغيرهم، في الحديث والفقه والتفسير والقراءات والتاريخ والأدب واللغة والشعر خلائق لا يحصون، نظراً إلى طول عمره المديد، وارتفاع أسانيده، وسمو مقامه في العلم، والإتقان، وسعة الإطلاع، وكثرة الشيوخ، وطواف البلدان، وتفهمه في العلوم. *فكان مقصد الطالبين، ومحجة العلماء العارفين،*من مشارق الأرض ومغاربها، واستجازه من لم يستطع الوصول إليه *تشرفاً بعلو سنده، ورفيع قدره في العلم.
قال العماد الأصبهاني في الخريدة وغيره: طوف السفلي البلاد، وشدت له الرحال، وتبرك به الملوك ولأقيال، وكان آمر بالمعروف، وناهياً عن المنكر، أزال من جواره منكرات كثيرة، وكان له عند ملوك مصر العبيديين: الجاه والكلمة النافذة، مع مخالفته لهم في المذهب، وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السلار أمير مصر ـ وكان سنياًًً ـ مدرسته بثغر الإسكندرية، ووقف عليها أوقافها، وقال الرهاوي: بلغني أن سلطان مصر حضر عنده لسماع الحديث، فجعل يتحدث مع أخيه، فزجرهما الشيخ وقال: أيش هذانحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان !
ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله، قال الحافظ الذهبي: لا أعلم أحداًً في الدنيا حدث نيفا وثمانين سنة سوى الحافظ السلفي. وكان حليماًً، محتملاً كفاء الغرباء ـ أي يتحملهم ويقوم بكفايتهم ـ وكان تزوج بالإسكندرية إمرأة ذات يسار، وحصلت له ثروة بعد فقر وكان لا تبين منه جفوة لأحد، ويجلس للحديث وإسماعه فلا يشرب ماءًً ولا يبصق ولا يتورك ولاتبدو منه قدم وقد جاوز المئة.
*
*
القصة الثالثة رجال زمن آخر
(( كان أبو الريحان محمد بن أحمد الخوارزمي مع الفسحة في العمر ـ فقد عاش 78سنة ـ، وجلالة الحال في عامة الآمور، مكباً على تحصيل العلوم، منصباً إلى تصنيف الكتب، يفتح أبوابها، ويحيط بشواكلها وأقرابها ـ يعني بغوامضها وجلياتها ـ ، ولا يكاد يفارق يده القلم، وعينه النظر، وقلبه الفكر.
حدث الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى الولو الجي، قال: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه -*أي وهو في نزع الروح قارب الموت ـ ، قد حشرج نفسه، وضاق به صدره ! فقال لي في تلك الحال كيف قلت لي يوماً: حساب الجدات الفاسدة ـ أي في الميراث، وهي التي تكون من قبل الأم ـ؟
فقلت له إشفاقاً عليه :أفي هذه الحالة ؟! قال لي: ياهذا، أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيراً من أن أخليها وأنا وأنا جاهل بها!؟ فأعدت ذلك عليه، وحفظ وعلمني ما وعد، فخرجت من عنده وأنا في الطر يقوقسمات الصراخ.*
و في ترجمة القاضي(إبراهيم بن الجراح التميمي) المزاني الكوفي، ثم المصري، المتوفي بمصر سنة 217 رحمه الله تعالى، تلميذ الإمام أبي يوسف ما يلي (قال إبراهيم بن الجراح: مرض أبو يوسف فأتيت أعوده، فوجدته مغماً عليه فلما أفاق قال لي: ماذا تقول في مسألة؟ قلت : في مثل هذه الحالة قال: لا بأس بذلك، ندرس لعله ينجو به ناج.
ثم قال: يا إبراهيم، أيما أفضل في رمي الجهارـ أي مناسك الحج ـ أن يرميها الرجل ماشياً أم راكباً ؟ قلت : مراكباً، قال: أخطأت، قلت: ماشياً، قال: أخطأت، قلت : قل فيها يرضى الله عنك.
قال: إما ما كان يقف عنده للدعاء، فالأفضل أن يرميه ماشياً، وإما ما كان لايقف عنده فالأفضل أن يرميه راكباً، ثم قمت من عنده، فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه! وإذا هو قد مات رحمة الله عليه!))
القصة الرابعة رجال من زمن آخر ـ4ـوجاء في *((إنباه الرواة على أنبأه النحاة)) القفطي أيضاً، في ترجمة (إبن جندل القرطبي) : إبن نصر هارون بن موسى بن صالح بن جندل القيسي، الأديب النحوي القرطبي، المتوفي سنة 401 رحمه الله تعالى.
((قال أبو نصر هارون بن موسى: كنا نختلف لإبن علي ـ القالي ـ البغدادي رحمه الله، وقت إملائه ((النوادر)) بجامع الزهراء ـ في قرطبة ـ ، ونحن في فصل الربيع .
فبينما أنا ذات يوم من بعض الطريق، إذ أخذتني سحابة ، فما وصلت إلا مجلسه رحمه الله إلا قد إبتلت ثيابي كلها !وحوالي أبي علي أعلام أهل قرطبة ، فأمرني بالدنو منه، فقال لي مهلاً يا أبا ناصر، لاتأسف على ما عرض لك، فهذا شيء يضمحل عنك بسرعة بثياب وغيرها تبدلها.*
وقال أبو علي : قد عرض لي ما أبقى بجسمي ندوباً تدخل معي بالقبر!أنا أنا كنت أختلف إلى إبن مجاهد رحمه الله، فأدلجت إليه ـ أي ذهبت إليه في آخر الليل قبل طلوع الفجرـ للتقرب منه.
فلما إنتهيت من الدرب الذي كنت أخرج منه إلي مجلسه، ألفيته مغلقاً وعسرعلي فتحه، فقلت: سبحان الله أبكر هذا البكور، وأغلب على القرب منه.
فنظرت إلي سرب ـ حفير تحت الأرض بجنب الدار فإقتحمته، فلما توسيعه ضاق بي ولم أستطع الخروج!ولا على النهوض!فإقتحمته أشد الإقتحام، حتى نفذت بعد أن تخرقت ثيابي ! وأثر السرب في لحمي حتى إنكشف العظم ! ومن الله علي بالخروج، فوافيت مجلس الشيخ ، فأين أنت مما عرض لي؟! وأنشدناـ وهي آبيات لبعض العرب ـ قال أبو نصر:فكتبناها قبل أن يأتي موضعها في نوادره، وسلاني بما حكاه وهان عندي ما عرض لي من بلل الثياب، وإستكثرت من *الإختلاف إليه، ولم تفارقه حتى مات رحمه الله)).
رجال من زمن آخر -1-
الشيخ الإمام مسند الآفاق ابو الوقت عبدالأول بن عيسى السجزي*
قال يوسف بن أحمد الشيرازي تلميذه: لما رحلت إلى شيخنا وجلست بين يديه قال لي : ما أقدمك هذه البلاد؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك. فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته وجعل سعينا وقصدنا إليه لو كنت عرفتني حق معرفتي لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي، ثم بكى بكاء طويل، وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم أسترنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا.
يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضاً لسماع ((الصحيح)) ماشياً مع والدي، من هراة إلى الدودي ببوشنج، ولي من العمر دون عشر سنين ، فكان والدي يضع على يدي حجرين ، ويقول : احملها.
فكنت من خوفي أحفظها بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجرا واحدا، ويخف عني، فأمشي إلي أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟ فأخافه فأقول:
لا، فيقول : لماذا تقصر في المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الحجر الآخر فيلقيه، فأمشي حتى أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني.
وكنا نلتقي جماعة الفلاحين وغيرهم، فيقولون يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك
إلى بوشنج، فيقول والدي: معاذ الله نركب في طلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
بل نمشي، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالاً لحديث رسول الله ورجاء ثوابه.
فكان ثمرة ذلك من حسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحد*
سواي، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار.
ثم أشار إلي صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يقدم لي حلواء، فقلت: يا سيدي، قراءتي لجزء أبي الجهم أحب إلي من أكل الحلواء. فتبسم وقال : إذا دخل الطعام، خرج الكلام، وقدم لنا صحناً فيه حلواء الفانيذ، فأكلنا، وأخرجت الجزء، وسألته إحضار الأصل فأحضره، فقرأت الجزء، وسررت به، ويسر الله سماع((الصحيح))وغيره مراراً .*
ولم أزل في صحبته و خدمته إلي أن توفي ببغداد في ليلة الثلاثاء سادس ذي القعدة سنة553،
ودفناه بالشونيزية، قال لي: تدفنني تحت أقدام مشائخنا بالشونيزية .
ولما أحتضر سندته إلى صدري وكان مستهتراً بالذكر ــ أي لهجا منهمكا بالذكر - فدخل محمد بن القاسم الصوفي، وأكب عليه وقال: ياسيدي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ))، فرفع طرفه إليه وتلا: (ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين). فدهش إليه هوــ محمد إبن القاسم ــ ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة ثم قال : الله الله الله، وتوفي وهو جالس على السجادة رحمه الله تعالى.*
القصة الثانية رجال من زمن آخرـ2ـ
شيخ الإسلام أحمد بن محمد بن أحمد السلفي.*
نشأ هذا الإمام فذا في الذكاء والنباهة والحفظ وتحصيل العلم وجمعه ثم تعليمه ونشره.
قال الأوقي: سمعته يقول : لي ستون سنة ما رأيت منارة الأسكندرية ـ وكانت من أعاجيب الدنيا السبعة ـ إلا من هذه الطاقة، يعني طاقة حجرته في المدرسة.*
قال الحافظ عبد القادر الرهاوي: بلغني أنه في مدة مقامه بالإسكندرية، ما خرج إلى بستان ولا فرجة *غير مرة واحدة، بل كان عامة دهره ملازم مدرسته، وما كنا ندخل عليه إلا نراه مطلع في شيء. وقال الحافظ عبد العظيم المنذري: كان السلفي مغرى بجمع الكتب، وما حصل له من المال يخرجه في ثمنها، وكان عنده خزائن كتب لا يتفرغ للنظر فيها، فتفنن وتلصقت لندواة البلد! وكانو يخلصونها بالفأس ! فتلف أكثرها! وأخذ عنه من الأئمة والعلماء والأدباء وغيرهم، في الحديث والفقه والتفسير والقراءات والتاريخ والأدب واللغة والشعر خلائق لا يحصون، نظراً إلى طول عمره المديد، وارتفاع أسانيده، وسمو مقامه في العلم، والإتقان، وسعة الإطلاع، وكثرة الشيوخ، وطواف البلدان، وتفهمه في العلوم. *فكان مقصد الطالبين، ومحجة العلماء العارفين،*من مشارق الأرض ومغاربها، واستجازه من لم يستطع الوصول إليه *تشرفاً بعلو سنده، ورفيع قدره في العلم.
قال العماد الأصبهاني في الخريدة وغيره: طوف السفلي البلاد، وشدت له الرحال، وتبرك به الملوك ولأقيال، وكان آمر بالمعروف، وناهياً عن المنكر، أزال من جواره منكرات كثيرة، وكان له عند ملوك مصر العبيديين: الجاه والكلمة النافذة، مع مخالفته لهم في المذهب، وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السلار أمير مصر ـ وكان سنياًًً ـ مدرسته بثغر الإسكندرية، ووقف عليها أوقافها، وقال الرهاوي: بلغني أن سلطان مصر حضر عنده لسماع الحديث، فجعل يتحدث مع أخيه، فزجرهما الشيخ وقال: أيش هذانحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان !
ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله، قال الحافظ الذهبي: لا أعلم أحداًً في الدنيا حدث نيفا وثمانين سنة سوى الحافظ السلفي. وكان حليماًً، محتملاً كفاء الغرباء ـ أي يتحملهم ويقوم بكفايتهم ـ وكان تزوج بالإسكندرية إمرأة ذات يسار، وحصلت له ثروة بعد فقر وكان لا تبين منه جفوة لأحد، ويجلس للحديث وإسماعه فلا يشرب ماءًً ولا يبصق ولا يتورك ولاتبدو منه قدم وقد جاوز المئة.
*
*
القصة الثالثة رجال زمن آخر
(( كان أبو الريحان محمد بن أحمد الخوارزمي مع الفسحة في العمر ـ فقد عاش 78سنة ـ، وجلالة الحال في عامة الآمور، مكباً على تحصيل العلوم، منصباً إلى تصنيف الكتب، يفتح أبوابها، ويحيط بشواكلها وأقرابها ـ يعني بغوامضها وجلياتها ـ ، ولا يكاد يفارق يده القلم، وعينه النظر، وقلبه الفكر.
حدث الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى الولو الجي، قال: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه -*أي وهو في نزع الروح قارب الموت ـ ، قد حشرج نفسه، وضاق به صدره ! فقال لي في تلك الحال كيف قلت لي يوماً: حساب الجدات الفاسدة ـ أي في الميراث، وهي التي تكون من قبل الأم ـ؟
فقلت له إشفاقاً عليه :أفي هذه الحالة ؟! قال لي: ياهذا، أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيراً من أن أخليها وأنا وأنا جاهل بها!؟ فأعدت ذلك عليه، وحفظ وعلمني ما وعد، فخرجت من عنده وأنا في الطر يقوقسمات الصراخ.*
و في ترجمة القاضي(إبراهيم بن الجراح التميمي) المزاني الكوفي، ثم المصري، المتوفي بمصر سنة 217 رحمه الله تعالى، تلميذ الإمام أبي يوسف ما يلي (قال إبراهيم بن الجراح: مرض أبو يوسف فأتيت أعوده، فوجدته مغماً عليه فلما أفاق قال لي: ماذا تقول في مسألة؟ قلت : في مثل هذه الحالة قال: لا بأس بذلك، ندرس لعله ينجو به ناج.
ثم قال: يا إبراهيم، أيما أفضل في رمي الجهارـ أي مناسك الحج ـ أن يرميها الرجل ماشياً أم راكباً ؟ قلت : مراكباً، قال: أخطأت، قلت: ماشياً، قال: أخطأت، قلت : قل فيها يرضى الله عنك.
قال: إما ما كان يقف عنده للدعاء، فالأفضل أن يرميه ماشياً، وإما ما كان لايقف عنده فالأفضل أن يرميه راكباً، ثم قمت من عنده، فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه! وإذا هو قد مات رحمة الله عليه!))
القصة الرابعة رجال من زمن آخر ـ4ـوجاء في *((إنباه الرواة على أنبأه النحاة)) القفطي أيضاً، في ترجمة (إبن جندل القرطبي) : إبن نصر هارون بن موسى بن صالح بن جندل القيسي، الأديب النحوي القرطبي، المتوفي سنة 401 رحمه الله تعالى.
((قال أبو نصر هارون بن موسى: كنا نختلف لإبن علي ـ القالي ـ البغدادي رحمه الله، وقت إملائه ((النوادر)) بجامع الزهراء ـ في قرطبة ـ ، ونحن في فصل الربيع .
فبينما أنا ذات يوم من بعض الطريق، إذ أخذتني سحابة ، فما وصلت إلا مجلسه رحمه الله إلا قد إبتلت ثيابي كلها !وحوالي أبي علي أعلام أهل قرطبة ، فأمرني بالدنو منه، فقال لي مهلاً يا أبا ناصر، لاتأسف على ما عرض لك، فهذا شيء يضمحل عنك بسرعة بثياب وغيرها تبدلها.*
وقال أبو علي : قد عرض لي ما أبقى بجسمي ندوباً تدخل معي بالقبر!أنا أنا كنت أختلف إلى إبن مجاهد رحمه الله، فأدلجت إليه ـ أي ذهبت إليه في آخر الليل قبل طلوع الفجرـ للتقرب منه.
فلما إنتهيت من الدرب الذي كنت أخرج منه إلي مجلسه، ألفيته مغلقاً وعسرعلي فتحه، فقلت: سبحان الله أبكر هذا البكور، وأغلب على القرب منه.
فنظرت إلي سرب ـ حفير تحت الأرض بجنب الدار فإقتحمته، فلما توسيعه ضاق بي ولم أستطع الخروج!ولا على النهوض!فإقتحمته أشد الإقتحام، حتى نفذت بعد أن تخرقت ثيابي ! وأثر السرب في لحمي حتى إنكشف العظم ! ومن الله علي بالخروج، فوافيت مجلس الشيخ ، فأين أنت مما عرض لي؟! وأنشدناـ وهي آبيات لبعض العرب ـ قال أبو نصر:فكتبناها قبل أن يأتي موضعها في نوادره، وسلاني بما حكاه وهان عندي ما عرض لي من بلل الثياب، وإستكثرت من *الإختلاف إليه، ولم تفارقه حتى مات رحمه الله)).
الأحد يوليو 18, 2021 10:17 pm من طرف ωa3ooda
» دردشة المنتدى
الجمعة نوفمبر 13, 2020 4:52 pm من طرف yura ♥♥
» اغاني سوفية" قديمه
الأربعاء مايو 08, 2019 7:09 am من طرف قناة أفراح وادي سوف
» اغاني سوفية
الأربعاء مايو 08, 2019 7:02 am من طرف قناة أفراح وادي سوف
» بعد طول غياب قررت ان آمر مجددا على محطة ....
السبت سبتمبر 08, 2018 2:47 pm من طرف ғαdωa
» اشتقت لكم 3>
الإثنين فبراير 12, 2018 9:16 am من طرف ŹyąĐ
» « اُنثَىَ حڪآيتهٌآ [حڪايةٌ ] فٍيُها هِدۊءِ آلٍگۊنٍ ۊفُيها جٍ’ـنُونٍـۂ.¸¸..ღ
السبت أكتوبر 10, 2015 10:26 am من طرف вeвo τen
» Only Chanel
الثلاثاء مايو 21, 2013 8:19 am من طرف ليتوريا
» لـآآتبدئي يومك بشرب الحـليب
الثلاثاء مايو 21, 2013 8:13 am من طرف ليتوريا
» وشْ تقًُولْ لليًُ ببآلكً!
الأحد مايو 12, 2013 6:05 pm من طرف Sky Tears
» كــل عضو يدخل ويكتب اعتراف...
الأحد مايو 12, 2013 5:06 am من طرف aηωaя
» ØūĭЗŢ ĢїŘĻ
الجمعة مايو 10, 2013 11:30 pm من طرف Quiet girl
» Bridal Mask 2012 < مسابقة Team work
الجمعة مايو 10, 2013 6:26 am من طرف B 1 A 4
» Taewoon قائد SPEED يرى Zico قائد Block B منافس له
الجمعة مايو 10, 2013 6:21 am من طرف B 1 A 4
» تقرير عن مسلسل bloody monday
الجمعة مايو 10, 2013 6:15 am من طرف B 1 A 4