لهم الذي تحمله
سامي بن خالد الحمود
حينما نتحدث عن الهم فإننا نتحدث عن القوة الباطنة والمحرك الداخلي الذي يقف وراء كل عمل ظاهر .
ولهذا كان الهم ملازماً للإنسان ، لا ينفك عنه بحال ، ومما يدل على هذا قول
النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود: "أصدق الأسماء حارث وهمام".
ما منا إلا وهو صاحب هم ، لكن هذه الهموم متنوعة ومتفاوتة . هناك هموم
سامية ، وأخرى هابطة .. فقلب همه وهمته في الثرى ، وآخر همه وهمته في
الثريا .
أمام هذه الهموم يحتاج الشاب والفتاة إلى عدة أمور :
1) ترتيب الأولويات ، أو التوازن بين هم الدنيا والآخرة :
لا شك أن هم الآخرة هو المقدم في حياة المسلم ، ولهذا كانت العبادة بمفهومها الشامل هي الغاية من الخلق.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي وابن ماجه أنه قال: "من
كانت همه الآخرة جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة ،
ومن كانت همه الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من
الدنيا إلا ما كتب الله له .
والخظورة هنا تكمن في الاهتمام بالدنيا والاشتغال بها على حساب الآخرة ،
ولهذا جاء في الدعاء النبوي كما رواه الترمذي : (ولا تجعل الدنيا أكبر همنا
ولا مبلغ علمنا) .
وليس معنى هذا أن يطلق المسلم الدنيا ثلاثاً ، لا ، فإن الله تعالى يقول وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)
إذن القضية قضية توازن ، فيعطى كل ما يستحقه من الهم والاهتمام . الابتغاء
والهم الأكبر هو الدار الآخرة ، ومع هذا لا تنس أن تعطي شيئاً من الاهتمام
لأمور الدنيا .
بل الهم الدنيوي يمكن أن يحول إلى هم أخروي بتصحيح القصد والنية . فهم
العرس عند الشاب ، وهم الأسرة والأبناء عند الفتاة ، وهم التجارة عند
التاجر المسلم ، وغيرها ، كل هذه الهموم يمكن أن تهذب وتحول إلى هموم
أخروية ، (وفي بضع أحدكم صدقة ) ، و (نعم المال الصالح للرجل الصالح) .
2) الانسجام بين الهموم الشخصية وهموم الأمة :
كل إنسان له هموم شخصية وأخرى عامة تتعلق بالجماعة الإنسانية أو الأمة التي ينتمي إليها.
والمسلم لا يليق به أن يعيش لوحده ، متناسياً هموم الأمة ، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .
ولله در أولئك الرجال الذين يعيشون لغيرهم لأمتهم وإخوانهم .
رأينا منهم العلماء في الذين بذلوا أنفسهم في تعلم العلم وتعليمه ، ورأينا
منهم الدعاة والمصلحون الذين يقومون على الدعوة والإصلاح ، ورأينا منهم
أصحاب الأيادي البيضاء في إغاثة المنكوبين ووتخفيف معاناة الفقراء
والمساكين . فهؤلاء جميعاً هم الذين يحملون هم الأمة بينما تحمل الأمة هم
آخرين ممن يعيشون على هامش الحياة .
فنحن نحتاج إلى نوع من الانسجام بحيث تكون همومنا الشخصية ضمن الإطار العام
لهموم الأمة ، فهمومنا الشخصية من الدراسة والوظيفة والزواج والأسرة لبنات
صالحات في نهضة الأمة .
نهضة الأمة لا تقف على العلم الشرعي والدعوة والجهاد فقط ، بل لا بد من
القيام بفروض الكفايات في المجالات الأخرى كالطب والهندسة والصناعة وغيرها .
ولهذا استدل الفقهاء على كون الأصل في الجهاد أعني جهاد الطلب أنه فرض
كفاية وليس بفرض عين ، قالوا : لو كان متعيناً على الناس كلهم لم يتفرغ أحد
لكسب أو شغل فيتعطل المعاش ، وإذا تعطل المعاش لم تستطع الأمة أن تقوم
بالجهاد ، لأنه لا بد لها من القوة والسلاح والصناعة وغير ذلك .
3) أن لا يقعدنا الهم عن العمل وإن قل :
من الحيل الشيطانية أن بعض الناس يكون عنده طموحات وآمال عظيمة سواء تتعلق
بنفسه أو بأمته ، فإذا فتح له باب من الخير أو عرض عليه مشروع زهد فيه ،
بحجة أنه عمل يسير قليل الجدوى .
يقال له: احضر درساً أو تعلم مسألة ، فيقول : وهل هذه المسألة هي التي ستصنع مني عالماً ؟.
يقال له : ادع إلى الله ، أصلح جارك ومره بالمعروف وانهه عن المنكر ، فيقول
: وما يغني أن صلح جاري في ظل ما تعيشه الأمة ، وهل صلاحه سيقضي على
المنكرات .
فانظر كيف يزين الشيطان لبعض الناس أنه صاحب هم ، وما عرف المسكين أنه ليس بصاحب هم ، بل هو صاحب وهم .
دمتم بخير
احبكم جميعا..
سامي بن خالد الحمود
حينما نتحدث عن الهم فإننا نتحدث عن القوة الباطنة والمحرك الداخلي الذي يقف وراء كل عمل ظاهر .
ولهذا كان الهم ملازماً للإنسان ، لا ينفك عنه بحال ، ومما يدل على هذا قول
النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود: "أصدق الأسماء حارث وهمام".
ما منا إلا وهو صاحب هم ، لكن هذه الهموم متنوعة ومتفاوتة . هناك هموم
سامية ، وأخرى هابطة .. فقلب همه وهمته في الثرى ، وآخر همه وهمته في
الثريا .
أمام هذه الهموم يحتاج الشاب والفتاة إلى عدة أمور :
1) ترتيب الأولويات ، أو التوازن بين هم الدنيا والآخرة :
لا شك أن هم الآخرة هو المقدم في حياة المسلم ، ولهذا كانت العبادة بمفهومها الشامل هي الغاية من الخلق.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي وابن ماجه أنه قال: "من
كانت همه الآخرة جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة ،
ومن كانت همه الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من
الدنيا إلا ما كتب الله له .
والخظورة هنا تكمن في الاهتمام بالدنيا والاشتغال بها على حساب الآخرة ،
ولهذا جاء في الدعاء النبوي كما رواه الترمذي : (ولا تجعل الدنيا أكبر همنا
ولا مبلغ علمنا) .
وليس معنى هذا أن يطلق المسلم الدنيا ثلاثاً ، لا ، فإن الله تعالى يقول وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)
إذن القضية قضية توازن ، فيعطى كل ما يستحقه من الهم والاهتمام . الابتغاء
والهم الأكبر هو الدار الآخرة ، ومع هذا لا تنس أن تعطي شيئاً من الاهتمام
لأمور الدنيا .
بل الهم الدنيوي يمكن أن يحول إلى هم أخروي بتصحيح القصد والنية . فهم
العرس عند الشاب ، وهم الأسرة والأبناء عند الفتاة ، وهم التجارة عند
التاجر المسلم ، وغيرها ، كل هذه الهموم يمكن أن تهذب وتحول إلى هموم
أخروية ، (وفي بضع أحدكم صدقة ) ، و (نعم المال الصالح للرجل الصالح) .
2) الانسجام بين الهموم الشخصية وهموم الأمة :
كل إنسان له هموم شخصية وأخرى عامة تتعلق بالجماعة الإنسانية أو الأمة التي ينتمي إليها.
والمسلم لا يليق به أن يعيش لوحده ، متناسياً هموم الأمة ، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .
ولله در أولئك الرجال الذين يعيشون لغيرهم لأمتهم وإخوانهم .
رأينا منهم العلماء في الذين بذلوا أنفسهم في تعلم العلم وتعليمه ، ورأينا
منهم الدعاة والمصلحون الذين يقومون على الدعوة والإصلاح ، ورأينا منهم
أصحاب الأيادي البيضاء في إغاثة المنكوبين ووتخفيف معاناة الفقراء
والمساكين . فهؤلاء جميعاً هم الذين يحملون هم الأمة بينما تحمل الأمة هم
آخرين ممن يعيشون على هامش الحياة .
فنحن نحتاج إلى نوع من الانسجام بحيث تكون همومنا الشخصية ضمن الإطار العام
لهموم الأمة ، فهمومنا الشخصية من الدراسة والوظيفة والزواج والأسرة لبنات
صالحات في نهضة الأمة .
نهضة الأمة لا تقف على العلم الشرعي والدعوة والجهاد فقط ، بل لا بد من
القيام بفروض الكفايات في المجالات الأخرى كالطب والهندسة والصناعة وغيرها .
ولهذا استدل الفقهاء على كون الأصل في الجهاد أعني جهاد الطلب أنه فرض
كفاية وليس بفرض عين ، قالوا : لو كان متعيناً على الناس كلهم لم يتفرغ أحد
لكسب أو شغل فيتعطل المعاش ، وإذا تعطل المعاش لم تستطع الأمة أن تقوم
بالجهاد ، لأنه لا بد لها من القوة والسلاح والصناعة وغير ذلك .
3) أن لا يقعدنا الهم عن العمل وإن قل :
من الحيل الشيطانية أن بعض الناس يكون عنده طموحات وآمال عظيمة سواء تتعلق
بنفسه أو بأمته ، فإذا فتح له باب من الخير أو عرض عليه مشروع زهد فيه ،
بحجة أنه عمل يسير قليل الجدوى .
يقال له: احضر درساً أو تعلم مسألة ، فيقول : وهل هذه المسألة هي التي ستصنع مني عالماً ؟.
يقال له : ادع إلى الله ، أصلح جارك ومره بالمعروف وانهه عن المنكر ، فيقول
: وما يغني أن صلح جاري في ظل ما تعيشه الأمة ، وهل صلاحه سيقضي على
المنكرات .
فانظر كيف يزين الشيطان لبعض الناس أنه صاحب هم ، وما عرف المسكين أنه ليس بصاحب هم ، بل هو صاحب وهم .
دمتم بخير
احبكم جميعا..
الأحد يوليو 18, 2021 10:17 pm من طرف ωa3ooda
» دردشة المنتدى
الجمعة نوفمبر 13, 2020 4:52 pm من طرف yura ♥♥
» اغاني سوفية" قديمه
الأربعاء مايو 08, 2019 7:09 am من طرف قناة أفراح وادي سوف
» اغاني سوفية
الأربعاء مايو 08, 2019 7:02 am من طرف قناة أفراح وادي سوف
» بعد طول غياب قررت ان آمر مجددا على محطة ....
السبت سبتمبر 08, 2018 2:47 pm من طرف ғαdωa
» اشتقت لكم 3>
الإثنين فبراير 12, 2018 9:16 am من طرف ŹyąĐ
» « اُنثَىَ حڪآيتهٌآ [حڪايةٌ ] فٍيُها هِدۊءِ آلٍگۊنٍ ۊفُيها جٍ’ـنُونٍـۂ.¸¸..ღ
السبت أكتوبر 10, 2015 10:26 am من طرف вeвo τen
» Only Chanel
الثلاثاء مايو 21, 2013 8:19 am من طرف ليتوريا
» لـآآتبدئي يومك بشرب الحـليب
الثلاثاء مايو 21, 2013 8:13 am من طرف ليتوريا
» وشْ تقًُولْ لليًُ ببآلكً!
الأحد مايو 12, 2013 6:05 pm من طرف Sky Tears
» كــل عضو يدخل ويكتب اعتراف...
الأحد مايو 12, 2013 5:06 am من طرف aηωaя
» ØūĭЗŢ ĢїŘĻ
الجمعة مايو 10, 2013 11:30 pm من طرف Quiet girl
» Bridal Mask 2012 < مسابقة Team work
الجمعة مايو 10, 2013 6:26 am من طرف B 1 A 4
» Taewoon قائد SPEED يرى Zico قائد Block B منافس له
الجمعة مايو 10, 2013 6:21 am من طرف B 1 A 4
» تقرير عن مسلسل bloody monday
الجمعة مايو 10, 2013 6:15 am من طرف B 1 A 4