كعادته كلَّ شهر ذهب لبائع الصُّحف والمجلاَّت؛ ليشتريَ مجلة التراث الأدبي.
ولكن في هذه المرة سأله البائع: لماذا تشتري هذه المجلَّة كلَّ شهر، وتأتي قبلَ نزولها بعدَّة أيام وتسأل عليها؟
فردَّ عليه: أنا شاعر، وأنتظر أن تُعلِن المؤسَّسةُ التي تُصدر هذه المجلَّة عن مسابقتها السنويَّة في القصيدة العربية، حتى أشتركَ فيها.
فأمْسَك بالمجلَّة، وأخذ يقلِّب فيها، فوقعتْ عينه على إعلان المجلَّة عن المسابقة، فاحمرَّ وجهه وأذنيه، وتبدَّل حزنُه إلى فرحة عارمة، وأخرج مِن جَيْبه خمسة جنيهات، وأعطاهم للبائع، وانطلق ووصل البيت بسرعة البَرْق، فدخل غرفتَه ممسكًا بالمجلة، وجلس وسطَ أطنان الكتب التي تَضيق بها الغرفة.
فدخلتْ عليه زوجته وهي تقول: أين أنت؟ أنا انتهيت من تحضير الغَداء، هيَّا تعالَ لكي تأكل، فأنا والأولاد في انتظارك منذ ساعة، فصاح: اتركيني وشأني الآن، إنِّي مشغول، قالت: ما الخبر؟! ما بك؟!
— الحمد لله، قد نزلت مسابقة مجلَّة التراث التي أنتظرها منذ عدَّة شهور، فقد تأخَّرتْ هذا العام عن موعدها المعتاد.
الزوجة: آه فهمت، وهل كان معك فلوس لدفع ثمنِها؟
— اشتريتُها بآخِرِ خمسة جنيهات كانت في جيبي! والآن أريد أن أجلس مع نفسي أفكِّر في مطلع قصيدة عمودية تتحدَّث عن أحد الموضوعات التراثيَّة، حتى أشتركَ بها في المسابقة.
فخرجتْ من الغرفة، وأغلقتِ الباب وتركتْه مع قلمه وأوراقه، وربَّة شِعره، وظلَّ جالسًا مع تلك الأشياء، ولم يخرج حتى مطلع الفَجْر، فخرج يبحث عمَّن بالبيت، فوجد زوجته نائمة وسطَ الأولاد في غرفتهم، فأيقظَها لكي تصلِّي الفجر، وتفرح معه بتلك القصيدة التي كتَبَها، فبعد أن أدَّيَا الصلاة ألْقى على سمعها أروعَ عشرين بيتًا شعريًّا عموديًّا كتبها.
الزوجة: الله عليك، أبيات جميلة جدًّا، شيء رائع! أنت تكتب الشعر العمودي بهذه الصورة الشعريَّة المتميزة، وأنت في الأصْل لا تكتب سوى شِعْر التفعيلة، وغير متخصِّص في هذا اللون من الشعر العمودي.
— الحمد لله، هذا توفيقٌ من الله - سبحانه وتعالى - ولكن هناك الآن مشكلة كُبرى.
فرفعتِ الزوجة حاجبيها، وهمستْ بصوت مكتوم: خير يا حبيبي؟! أية مشكلة؟!
— لا بدَّ أن أنسخ ثلاثَ نُسخ من القصيدة، حتى يتسنَّى لي أن أرسلَها للمسابقة، فهذا من شروطها.
فقالت: وما هي المشكلة إذًا؟! غدًا اذهب لمركز الطباعة، واطبعها ثلاثَ نُسخ.
— ليس معي حتى جنيهان تكلفة كتابة ورقة (الكمبيوتر)، وطباعتها ثلاث نُسخ من الأساس، ثم أرسلها بالبريد، وهذه تكلفة أخرى.
الزوجة: فعلاً، نحن قد دفعْنا منذ يومين آخِرَ فلوس كانت معنا في إيجار الشقَّة، وفواتير الكهرباء، والمياه والغاز و(التليفون)، وليس في البيت أيُّ فلوس! فسكتَتْ وظلَّتْ تنظر إليه، وينظر إليها، ثم اندفعتْ قائلةً - ووجهها يملؤه الابتسامة -: الأمر يسير جدًّا جدًّا، فنظر إليها وعلامات الاستغراب والأسئلة الكثيرة تقول لها: كيف ذلك؟!
فاستطردتْ تجيب على تلك الأسئلة التي لم يسألْها لسانُه، بل وجهه وعينه:
لا تتعجَّب هكذا؛ أنت ما شاء الله عليك خطُّك في النَّسْخ جميلٌ جدًّا، قمِ الآن بنسخ ثلاث نُسخ من القصيدة، وليس ضروريًّا نسخُها على (الكمبيوتر)، وضَعْ معهم صورة ضوئية من بطاقتك الشخصية في ظرْف جواب، واذهب باكرًا إلى مكتب البريد، وهناك يعمل صديقُك فؤاد، فيرسله لك، ولَمَّا ربنا يفرجها عليك، تعطيه الفلوس تكلفة الإرسال.
فقام فرحًا بكلام زوجته، وفَعَل كل ما قالتْه له بالحرف الواحد، وعندما أتَى مكتب البريد سلَّم على فؤاد، ثم وقف أمامَه ووجهه تتساقط منه حبَّات العرق كالمطر، فسأله فؤاد: ما بك؟
— بصراحة معي خطاب أُريد أن أرسلَه إلى الإمارات، وقد نسيتُ الفلوس في البيت، فخطف الخطابَ من يدِه، وقال: هذا الذي يُضايقك؟! يسيرة يا أخي، وفي ثواني أنْهَى إجراءاتِ تسجيل وإرسال الخطاب.
مرَّ شهران على تلك الواقعة.
وفي أوَّل يومٍ من الشهر، يجلس هذا الشاعر المطحون مبكرًا - كعادته - عند كُشْك الصحف، ينتظر حتى يأتيَ ويفتح بائع الجرائد، فعندما وصل ورآه جالسًا، ظلَّ يقهقه، ويقول: أكيد أنت جالس هكذا منذ الفجر، تُريد مجلَّة التراث العربي؟
— نعم، ولكن أريد أولاً أن تخرجَها لي من كيسها أتصفحها، وأعرف هل فزتُ بالجائزة، أم لا؛ لأنِّي - بصراحة - ليس معي فلوس أشتريها هذا الشهر.
البائع: وأيضًا ليس معك فلوس! وتريد أن أفتحَها لك!! والغضب يخرج من عينه، ثم أمسك بها وأخرجها وقدَّمها له، وفجأة وجَدَه واقفًا يحضن المجلَّة ويُقبِّلها، فسأله ما بك؟!
— قد فزت بالمركز الثاني في المسابقة، ثم رفع يدَه للسماء وهو ممسك بالمجلَّة، أحمدك يا رب.
معقول! صحيح!
— انظر ها هو اسمي.
فنظر فقرأ اسمه، وهو يقول: صحيح يا أخي، فعلاً اسمك ثاني اسم، وبجوار اسم البلدة، مبارك، ألف مبارك، أنت فعلاً شاعِر كبير، ونحن لا نعرِف!
— ممكن آخذ المجلَّة الآن، وإن شاء الله سوف آتي لك بثمنها.
اذهب يا رجل، فالمجلَّة هدية مني لك، فأنتَ رفعتَ اسمَ مصر وبلدتك.
فوصل البيت مهروِلاً يُقبِّل زوجته وأولاده، الحمد لله، قد فزتُ بثلاث آلاف دولار! الحمد لله، بُدِّل الفقر غِنًى!
ولكن في هذه المرة سأله البائع: لماذا تشتري هذه المجلَّة كلَّ شهر، وتأتي قبلَ نزولها بعدَّة أيام وتسأل عليها؟
فردَّ عليه: أنا شاعر، وأنتظر أن تُعلِن المؤسَّسةُ التي تُصدر هذه المجلَّة عن مسابقتها السنويَّة في القصيدة العربية، حتى أشتركَ فيها.
فأمْسَك بالمجلَّة، وأخذ يقلِّب فيها، فوقعتْ عينه على إعلان المجلَّة عن المسابقة، فاحمرَّ وجهه وأذنيه، وتبدَّل حزنُه إلى فرحة عارمة، وأخرج مِن جَيْبه خمسة جنيهات، وأعطاهم للبائع، وانطلق ووصل البيت بسرعة البَرْق، فدخل غرفتَه ممسكًا بالمجلة، وجلس وسطَ أطنان الكتب التي تَضيق بها الغرفة.
فدخلتْ عليه زوجته وهي تقول: أين أنت؟ أنا انتهيت من تحضير الغَداء، هيَّا تعالَ لكي تأكل، فأنا والأولاد في انتظارك منذ ساعة، فصاح: اتركيني وشأني الآن، إنِّي مشغول، قالت: ما الخبر؟! ما بك؟!
— الحمد لله، قد نزلت مسابقة مجلَّة التراث التي أنتظرها منذ عدَّة شهور، فقد تأخَّرتْ هذا العام عن موعدها المعتاد.
الزوجة: آه فهمت، وهل كان معك فلوس لدفع ثمنِها؟
— اشتريتُها بآخِرِ خمسة جنيهات كانت في جيبي! والآن أريد أن أجلس مع نفسي أفكِّر في مطلع قصيدة عمودية تتحدَّث عن أحد الموضوعات التراثيَّة، حتى أشتركَ بها في المسابقة.
فخرجتْ من الغرفة، وأغلقتِ الباب وتركتْه مع قلمه وأوراقه، وربَّة شِعره، وظلَّ جالسًا مع تلك الأشياء، ولم يخرج حتى مطلع الفَجْر، فخرج يبحث عمَّن بالبيت، فوجد زوجته نائمة وسطَ الأولاد في غرفتهم، فأيقظَها لكي تصلِّي الفجر، وتفرح معه بتلك القصيدة التي كتَبَها، فبعد أن أدَّيَا الصلاة ألْقى على سمعها أروعَ عشرين بيتًا شعريًّا عموديًّا كتبها.
الزوجة: الله عليك، أبيات جميلة جدًّا، شيء رائع! أنت تكتب الشعر العمودي بهذه الصورة الشعريَّة المتميزة، وأنت في الأصْل لا تكتب سوى شِعْر التفعيلة، وغير متخصِّص في هذا اللون من الشعر العمودي.
— الحمد لله، هذا توفيقٌ من الله - سبحانه وتعالى - ولكن هناك الآن مشكلة كُبرى.
فرفعتِ الزوجة حاجبيها، وهمستْ بصوت مكتوم: خير يا حبيبي؟! أية مشكلة؟!
— لا بدَّ أن أنسخ ثلاثَ نُسخ من القصيدة، حتى يتسنَّى لي أن أرسلَها للمسابقة، فهذا من شروطها.
فقالت: وما هي المشكلة إذًا؟! غدًا اذهب لمركز الطباعة، واطبعها ثلاثَ نُسخ.
— ليس معي حتى جنيهان تكلفة كتابة ورقة (الكمبيوتر)، وطباعتها ثلاث نُسخ من الأساس، ثم أرسلها بالبريد، وهذه تكلفة أخرى.
الزوجة: فعلاً، نحن قد دفعْنا منذ يومين آخِرَ فلوس كانت معنا في إيجار الشقَّة، وفواتير الكهرباء، والمياه والغاز و(التليفون)، وليس في البيت أيُّ فلوس! فسكتَتْ وظلَّتْ تنظر إليه، وينظر إليها، ثم اندفعتْ قائلةً - ووجهها يملؤه الابتسامة -: الأمر يسير جدًّا جدًّا، فنظر إليها وعلامات الاستغراب والأسئلة الكثيرة تقول لها: كيف ذلك؟!
فاستطردتْ تجيب على تلك الأسئلة التي لم يسألْها لسانُه، بل وجهه وعينه:
لا تتعجَّب هكذا؛ أنت ما شاء الله عليك خطُّك في النَّسْخ جميلٌ جدًّا، قمِ الآن بنسخ ثلاث نُسخ من القصيدة، وليس ضروريًّا نسخُها على (الكمبيوتر)، وضَعْ معهم صورة ضوئية من بطاقتك الشخصية في ظرْف جواب، واذهب باكرًا إلى مكتب البريد، وهناك يعمل صديقُك فؤاد، فيرسله لك، ولَمَّا ربنا يفرجها عليك، تعطيه الفلوس تكلفة الإرسال.
فقام فرحًا بكلام زوجته، وفَعَل كل ما قالتْه له بالحرف الواحد، وعندما أتَى مكتب البريد سلَّم على فؤاد، ثم وقف أمامَه ووجهه تتساقط منه حبَّات العرق كالمطر، فسأله فؤاد: ما بك؟
— بصراحة معي خطاب أُريد أن أرسلَه إلى الإمارات، وقد نسيتُ الفلوس في البيت، فخطف الخطابَ من يدِه، وقال: هذا الذي يُضايقك؟! يسيرة يا أخي، وفي ثواني أنْهَى إجراءاتِ تسجيل وإرسال الخطاب.
مرَّ شهران على تلك الواقعة.
وفي أوَّل يومٍ من الشهر، يجلس هذا الشاعر المطحون مبكرًا - كعادته - عند كُشْك الصحف، ينتظر حتى يأتيَ ويفتح بائع الجرائد، فعندما وصل ورآه جالسًا، ظلَّ يقهقه، ويقول: أكيد أنت جالس هكذا منذ الفجر، تُريد مجلَّة التراث العربي؟
— نعم، ولكن أريد أولاً أن تخرجَها لي من كيسها أتصفحها، وأعرف هل فزتُ بالجائزة، أم لا؛ لأنِّي - بصراحة - ليس معي فلوس أشتريها هذا الشهر.
البائع: وأيضًا ليس معك فلوس! وتريد أن أفتحَها لك!! والغضب يخرج من عينه، ثم أمسك بها وأخرجها وقدَّمها له، وفجأة وجَدَه واقفًا يحضن المجلَّة ويُقبِّلها، فسأله ما بك؟!
— قد فزت بالمركز الثاني في المسابقة، ثم رفع يدَه للسماء وهو ممسك بالمجلَّة، أحمدك يا رب.
معقول! صحيح!
— انظر ها هو اسمي.
فنظر فقرأ اسمه، وهو يقول: صحيح يا أخي، فعلاً اسمك ثاني اسم، وبجوار اسم البلدة، مبارك، ألف مبارك، أنت فعلاً شاعِر كبير، ونحن لا نعرِف!
— ممكن آخذ المجلَّة الآن، وإن شاء الله سوف آتي لك بثمنها.
اذهب يا رجل، فالمجلَّة هدية مني لك، فأنتَ رفعتَ اسمَ مصر وبلدتك.
فوصل البيت مهروِلاً يُقبِّل زوجته وأولاده، الحمد لله، قد فزتُ بثلاث آلاف دولار! الحمد لله، بُدِّل الفقر غِنًى!
عدل سابقا من قبل boya crazy في الثلاثاء أغسطس 23, 2011 9:15 pm عدل 1 مرات (السبب : حذف الرآإبط ..)
الأحد يوليو 18, 2021 10:17 pm من طرف ωa3ooda
» دردشة المنتدى
الجمعة نوفمبر 13, 2020 4:52 pm من طرف yura ♥♥
» اغاني سوفية" قديمه
الأربعاء مايو 08, 2019 7:09 am من طرف قناة أفراح وادي سوف
» اغاني سوفية
الأربعاء مايو 08, 2019 7:02 am من طرف قناة أفراح وادي سوف
» بعد طول غياب قررت ان آمر مجددا على محطة ....
السبت سبتمبر 08, 2018 2:47 pm من طرف ғαdωa
» اشتقت لكم 3>
الإثنين فبراير 12, 2018 9:16 am من طرف ŹyąĐ
» « اُنثَىَ حڪآيتهٌآ [حڪايةٌ ] فٍيُها هِدۊءِ آلٍگۊنٍ ۊفُيها جٍ’ـنُونٍـۂ.¸¸..ღ
السبت أكتوبر 10, 2015 10:26 am من طرف вeвo τen
» Only Chanel
الثلاثاء مايو 21, 2013 8:19 am من طرف ليتوريا
» لـآآتبدئي يومك بشرب الحـليب
الثلاثاء مايو 21, 2013 8:13 am من طرف ليتوريا
» وشْ تقًُولْ لليًُ ببآلكً!
الأحد مايو 12, 2013 6:05 pm من طرف Sky Tears
» كــل عضو يدخل ويكتب اعتراف...
الأحد مايو 12, 2013 5:06 am من طرف aηωaя
» ØūĭЗŢ ĢїŘĻ
الجمعة مايو 10, 2013 11:30 pm من طرف Quiet girl
» Bridal Mask 2012 < مسابقة Team work
الجمعة مايو 10, 2013 6:26 am من طرف B 1 A 4
» Taewoon قائد SPEED يرى Zico قائد Block B منافس له
الجمعة مايو 10, 2013 6:21 am من طرف B 1 A 4
» تقرير عن مسلسل bloody monday
الجمعة مايو 10, 2013 6:15 am من طرف B 1 A 4